استكشاف الثقافات من خلال السفر: اكتشف العالم بألوانه المتعددة
السفر والثقافات في الوقت الذي يختار فيه البعض من السياح قضاء العطلة في الفنادق الفخمة والاستمتاع بالشمس والمناظر الجميلة والتقاط الصور التذكارية، يفضل البعض الآخر الإقامة المتواضعة والاختلاط بالسكان المحليين والعيش معهم لاكتشاف ثقافتهم وعاداتهم وتقاليدهم وتدوينها في كتب كما فعل البعض من عشاق الطبخ.
برلين – يعتبر التجول في أحد الأسواق التقليدية المبهجة التي تتميز بمجموعة من الروائح والمناظر والأصوات الغريبة، أفضل طريقة للتعرف على عادات وتقاليد دولة جديدة بالنسبة إلى الكثير من محبي السفر والسياحة الثقافية.
وقد استفاد العديد من السياح مما تعلموه أثناء رحلاتهم كأن يدونوا رحلاتهم في كتب مختصة بالرحلات أو في فن الطبخ.
وقد نجحت ثلاث من مؤلفات كتب الطهي في تجسيد هذه الحالة من الإثارة في كتبهن الجديدة، حيث شرحن كيف يمكن للطهي في المنزل أن يخلص المرء من شغفه بحب السفر والترحال، في الوقت الذي يكاد يكون الجميع قد توقفوا فيه عن السفر بسبب تفشي وباء كورونا.
وقد حافظت المصورة، ماريا شيفر، على أصالة الأشياء أثناء رحلاتها في أنحاء أفريقيا، فهي لا تفضل السفر في سيارة مسرعة تسير على طرق وعرة في الصحراء أو بين أشجار الغابات المطيرة، ثم التقاط صور أفريقية من المفترض أن تكون واقعية، ثم تناول الطعام في أحد الفنادق الفخمة لتتمدد بعدها أمام المسبح.
ولكنها قامت بدلا من ذلك بالسفر بالحافلة، وأقامت في دور ضيافة متواضعة، وعادة ما كانت تطرق أبواب السكان المحليين، وتسألهم عما إذا كانوا يرغبون في الطهي معها.
وشيفر لديها قناعة بأنه ليس هناك أي شيء يكاد يربط بين الناس أكثر من الطعام. ولا تجمع شيفر في كتاب الطهي الجديد الخاص بها، والذي يحمل اسم “إيتنغ ويذ أفريكا” (تناول الطعام مع أفريقيا)، وصفات طعام فقط، ولكنها تقدم أيضا قصصا عن الأشخاص الذين كانت تلتقي بهم وعن حياتهم اليومية.
وأمضت المصورة الألمانية الأميركية عاما كاملا في جمع تلك القصص، ثم عادت إلى أفريقيا مرارا بهدف “الإحساس بعبق هذه القارة”، بكل ما تتضمنه من الدول التي يبلغ عددها 54، والسكان الذين يبلغ عددهم 1.3 مليار نسمة.
وقامت شيفر بالطبخ مع أسر محلية في عشر دول أفريقية، من المغرب وصولا إلى مالاوي وجنوب أفريقيا.
وكانت شيفر تتحدث مع الناس، سواء كانت في القطار أو في سيارة أجرة أو في دار ضيافة، وكان الأمر غالبا ما ينتهي بها بمقابلة الأسرة التالية التي يمكن أن تعرض لها طبقا جديدا.
وتقول المصورة إن “فكرة كتاب الطبخ لاقت استحسانا جيّدا. وكنت دائما ما أحظى بترحيب حار، وغالبا ما كان يتحول الطهي إلى حدث حقيقي”.
ويشار إلى أن هناك الكثير الذي يمكن أن يتعلمه المرء في مجال الطهي على طول الطريق، مثل الطريقة الأوغندية للف اليخنة بأوراق الموز وطهيها على نار مكشوفة.
وتقول شيفر، إن أغلب المكونات التي استعانت بها في كتابها، متوفرة في أي متجر بقالة عادي، أو في المتاجر الخاصة بالمواد الغذائية الأفريقية أو الآسيوية.
كما أن هناك أهمية خاصة للطعام في أماكن أخرى من العالم. وتقول الشيف براتينا كروس، إن الناس في تايلاند يستغرقون وقتا أطول في الطهي بالمقارنة مع الناس في أوروبا.
السفر بالحافلة والإقامة في دور الضيافة والعيش مع السكان المحليين، تجارب ترسخ في الذاكرة وتساهم في تلاقح الثقافات
وتدير كروس، المعروفة أيضا باسم “ميو”، مطعما تايلانديا معروفا باسم “داو”، ومدرسة للطهي في برلين. وتعمل كروس في مطعمها على إشباع رغبة السفر التي تكون موجودة لدى زبائنها.
وتقول “كثيرا ما أحصل على تعليقات تفيد بأن الزيارة إلى مطعمي تعيد الشعور، لفترة وجيزة، بأن المرء يتواجد في تايلاند لقضاء عطلة”.
وتعتقد الطاهية أن الطعام هو تجربة ثقافية مهمة، حيث أن كل ثقافة تعرّف نفسها من خلال تخصصاتها في الطهي.
وتضيف “ينطبق نفس الأمر على ثقافة الطعام في تايلاند. بالطبع، علينا أن نتأقلم مع عادات الألمان والأوروبيين هنا في برلين.”
وفي محل ميلادها بجنوب شرق تايلاند، كانت كروس تقدم الطعام على الشاطئ بينما يقوم الراقصون بأداء رقصات خاصة بالثقافة التايلاندية الأصلية وهم يرتدون الزي التايلاندي.
وبينما يعد شراء الطعام الجاهز إحدى الطرق لإضفاء لمسة من تايلاند على أجواء المنزل، فإن قيام المرء بطهي الطعام بنفسه يعد خطوة أفضل.
وتعتبر إيطاليا، شأنها شأن تايلاند، من الوجهات المميزة لقضاء العطلات بالنسبة إلى المسافرين من عشاق الطعام من جميع أنحاء العالم، حيث تتميز بوجود المكونات الغذائية الطازجة، بالإضافة إلى عدد لا حصر له من الأكلات التي تشتهر بها أقاليم معينة.
ومن جانبها، قامت مدوّنة الأطعمة كاتي بارلا التي تعود أصولها إلى نيوجيرسي، بتكريس عقود من الزمن لدراسة فن الطهي الإيطالي بعد أن عاشت في روما لما يقرب من 20 عاما.
وتقدم كتب الطهي الخاصة ببارلا، الوصفات الإيطالية التقليدية التي يحتاج إليها القراء لاستعادة مذاق ورائحة العطلات الإيطالية في مطابخهم الخاصة.
وبالطبع لا يمكن لأي شيء أن يحل محل تناول “بيتزا نابوليتانا” في نابولي.
وتقول بارلا “ولكن يمكنك أن تصل إلى صنع بيتزا تشبهها كثيرا إذا التزمت بالوصفات وأتقنتها”.
وهناك شيء واحد واضح للمؤلفة، وهو أن الطعام يعد ثقافة، كما أنه يربط بين الناس، حتى عبر الزمن. فعندما يقوم المرء بطهي طبق تقليدي، من الممكن أن يشعر بالارتباط بمن قام بتناوله قبل عقود أو حتى قرون.
إرسال التعليق