عشرة آداب قبل السفر وعند البدء بالسفر
إن الذي يتأمل حال كثير من الناس في الصيف والإجازات، يرى كثيراً منهم قد أعد المتاع ليشد الرحال للسفر والسياحة والتنزه في أرض الله الواسعة، والناسُ مقاصدُهم ونياتُهم من السفر صنوف وأشكال: فهذا يسافر لصلة الأرحام أو زيارة صديق حميم، وهذا يسافر من أجل طلب العلم النافع، وآخر يسافر للتجارة، وآخرون يسافرون للسياحة والتنزه، وقد يسافر البعض لارتكاب المحرمات وتحصيل الشهوات وصنوف الملذات.
فهنيئاً لمن جعل سفره في طاعة الله أو فيما أباحه الله، ويا حسرة على من جعل سفره في معصية الله، فقد يموت الإنسان وهو على معصية الله. إن للسفر والسياحة أحكاماً وآداباً كثيرة، ينبغي على كل مسلم أراد السفر أن يعرفها ويتعلمها حتى يكون في سفره مهتدياً بهدي سيد المرسلين وإمام المتقين نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
فمن الآداب ما يكون قبل السفر، ومنها ما يكون عند السفر، ومنها ما يكون أثناء السفر، ومنها ما يكون عند الرجوع من السفر.
وإليك أيها القاريء الكريم عشرة آداب قبل السفر وعند البدء بالسفر:
1- الاستخارة: فتستحب الاستخارة للسفر وغيره، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلِ اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلاَ أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلاَ أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ خَيْرٌ لِى في دِينِى وَمَعَاشِى وَعَاقِبَةِ أَمْرِى – أو قَالَ عَاجِلِ أَمْرِى وَآجِلِهِ – فَاقْدُرْهُ لِى وَيَسِّرْهُ لِى ثُمَّ بَارِكْ لِى فِيهِ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِى في دِينِى وَمَعَاشِى وَعَاقِبَةِ أَمْرِى – أو قَالَ في عَاجِلِ أَمْرِى وَآجِلِهِ – فَاصْرِفْهُ عَنِّى وَاصْرِفْنِى عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِى الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ أَرْضِنِى – قَالَ – وَيُسَمِّى حَاجَتَهُ» رواه البخاري.
2- الاستئذان من الوالدين: فقد جَاءَ رَجُلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فَاسْتَأْذَنَهُ في الْجِهَادِ فَقَالَ: «أَحَيٌّ وَالِدَاكَ»؟، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ».رواه البخاري، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: (واستدل به على تحريم السفر بغير إذن لأن الجهاد إذا منع مع فضيلته فالسفر المباح أولى) أ ه.
3- رَدُّ المظالم والحقوق: فحقوق العباد عظيمة، لا تجبر إلا بردها إلى أصحابها، وإن لم تردها في الدنيا، فسيردها الله في الآخرة، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ». قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لاَ دِرْهَمَ لَهُ وَلاَ مَتَاعَ. فَقَالَ: «إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِى يَأْتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِى قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ في النَّارِ»، فما بال أقوام يستدينون بالربا ليسافروا أياماً معدودة في معصية الله…..!!.
4- أن يكتب وصيته قبل السفر: إذا كان له شيء يوصي به عملاً بسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
5- تفقد المركبة قبل السفر: والحرص على استيفاء سلامتها قبل السفر حتى لا يقع حادث أو مكروه، قال عليه الصلاة والسلام: «اتَّقُوا اللَّهَ في هَذِهِ الْبَهَائِمِ الْمُعْجَمَةِ فَارْكَبُوهَا وَكُلُوهَا صَالِحَةً» رواه أبو داود.
6- أن يأتي المسافر والديه وإخوانه فيسلم عليهم ويسلمون عليه، ويودعهم ويودعونه، فيغتنم دعاءهم، فعَنْ قَزَعَةَ قَالَ: قَالَ لِى ابْنُ عُمَرَ: هَلُمَّ أُوَدِّعْكَ كَمَا وَدَّعَنِى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكَ وَأَمَانَتَكَ وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ» رواه أبو داود. وكان صلى الله عليه وسلم يقول هذا الدعاء يوَدِّعُ به جيش المسلمين.
7- أن يسافر يوم الخميس ما استطاع إلى ذلك سبيلا: قال كعب بن مالك: لقلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إلا في يوم الخميس.
8- التأمير: أي يؤمر الجماعة واحداً منهم، يطيعونه في السفر فقط، حتى لا يقع الخلاف والشقاق بينهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إِذَا خَرَجَ ثَلاَثَةٌ في سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ».رواه أبو داود.
9- عدم سفر الوحدة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَافِى الْوَحْدَةِ مَا أَعْلَمُ مَا سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ» رواه البخاري.
وسبب كراهة سفر الإنسان وحده، لما قد يترتب على ذلك من مرض أوموت فلا يجد من يمرضه أو يقوم عليه أو يخبر عنه.
10- الدعاء بدعاء السفر عند ركوب الدابة: فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اسْتَوَى عَلَى بَعِيرِهِ خَارِجًا إلى سَفَرٍ كَبَّرَ ثَلاَثًا ثُمَّ قَالَ: «سُبْحَانَ الذي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إلى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ في سَفَرِنَا هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى وَمِنَ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ اللَّهُمَّ أنت الصَّاحِبُ في السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ في الأَهْلِ اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ وَكَآبَةِ الْمَنْظَرِ وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ في الْمَالِ وَالأَهْلِ ». وَإِذَا رَجَعَ قَالَهُنَّ. وَزَادَ فِيهِنَّ «آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ» رواه مسلم.
ويقول الإنسان هذا الدعاء، عند ركوبه على الدابة، كما قال الله تعالى: (لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إذا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ).
Share this content:
إرسال التعليق